الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***
الجُزْءُ السادس (هو) الهاء والواو ليست من شرط اللغة، وهي من العربية، والأصل هاء ضُمّت إليه واوٌ. من العرب من يثقِّلها فيقول: هُوَّ. ومنهم مَن يقول هُوْ. (هي) الهاء والياء، والهاء والهمزة يجريان مَجرى ما قبلهما. على أنَّهُم يقولون: ما أدري أيّ هَيِّ بنِ بيٍّ هو. معناه أيُّ الناس هو. وهذا عندنا مما دَرَج عِلمُه. وكذلك قولهم: "لو كان ذاك في الهَِيئ والجَِيء ما نَفَعَه"، والهَِيْء: الطّعام. والجَِيْء: الشَّراب، واللفظتان لا تدلاّن على هذا التفسير. ويقولون: هَأْهَأْتُ بالإبل، إذا دعوتَها للعَلَف. وهذا خلافُ الأول. وأنشدوا: وما كانَ على الهَِيْء *** ولا الجَِيءِ امتداحيكا
والهاء، هذا الحرف وها تنبيهٌ. ومن شأنهم إذا أرادوا تعظيم شيء أنْ يُكثِرُوا فيه من التَّنبيه والإشارة. وفي كتاب الله: {هَا أنْتُمْ هَؤُلاَءِ} [آل عمران 66]، ثم قال الشاعر: ها إنّ تا عِذْرَةٌ إلاَّ تكُنْ نفعَتْ *** فإنّ صاحِبَها قد تاهَ في البَلَدِ
ويقولون في اليمين: لا هَا اللهِ. ويقولون: إن هاءَ تكون تلبية. قال: لا بَلْ يُجيبُكَ حينَ تدعُو باسمِهِ *** فيَقول هاءَ وطالَ ما لبَّى
هاءَ يهُوءُ الرّجُل هَوْءاً. والهَوْء: الهِمَّة. قال الكِسائي: يا هَيْءَ مالِي، تأسُّفٌ. (هب) الهاء والباء مُعظَمُ بابِه الانتباه والاهتِزازُ والحركة، وربما دلَّ على رِقَّةِ شيء. الأوَّل هبَّت الريح تَهُبُّ هُبوباً. وهَبّ النائم يَهُبُّ هَبَّاً. ومِن أين هببتَ يا فلان، كأنّه قال: من أين جئت، من أين انتبهت لنا. وحُكِي عن يونُس: غابَ فلانٌ ثم هبّ. ويقولون: هبَّ يفعلُ كذا، كما يقال: طَفِق يفعل. وهزَزْتُ السَّيف فهبّ هبّة. وهَبَّته: هِزَّته ومَضاؤه في ضريبته. وسيفٌ ذو هَبَّة. وهبَّ البعيرُ في السَّير: نَشِط، هِباباً. قال لبيد: فلها هِبَابٌ في الزِّمام كأنّها *** صهباءُ راحَ مع الجنوبِ جَهامُها
وهبَّ التَّيس للسِّفاد هَبِيباً، واهتبَّ، وهو مِهْبابٌ. وهَبْهَبْتُ به: دعوتُه ليَنْزُوَ. ويقال الهَبهَبِيُّ: الرَّاعي؛ والفَتى السَّريعُ في الخدمة هَبهبيّ. ويقولون: عِشْنا بذاك هَِبَّة من الدَّهر، أي سَنَةً وَوَقْتاً هَبَّ لنا. والباب الآخر تهبَّبَ الثوبُ: بَلِيَ. ويقال لقِطَع الثَّوب: هِبَبٌ. وهَبْهَبَ السَّرابُ: تَرَقرَق. والهَبْهَاب: السَّراب. وما أقرَبَ هذا من الأوّل. وممّا يُشكِل عندي معناه قولُهم: هَبْهُ فعلَ كذا، وهَبْني فَعَلْته، وظننتُ أنَّ هذا من باب وهب لأنَّ اللفظة على هذا تدلّ، وهو على ذلك مُشكِل. ويقولون للخيل: هَبِي، أي أَقبِلِي. وهذه حكايةُ صوت. (هت) الهاء والتاء يدلُّ على حكايةِ صوت، ليست فيه لغةٌ أصليّة. يقال: هَتَّ البَكْرُ في صوته: عَصَر صوته. وهَتَتُّ الكلمة. والهَتِيت: متابَعةٌ ومداركة. يقال: هَتَّ هَتّاً وهتيتاً. ويقولون: رجلٌ مِهَتٌّ: خفيف في العَمَل. والهَتْهَتةُ: التواءُ الكلام. والهَتُّ: تمزيقُ الثَّوْب. والهَتُّ: الكَسْر. ويقولون: سَمِعتُ هَتَّ قوائمِ البعير عند وقعها بالأرض. والأصل في ذلك كلِّه واحد، ولولا أنَّ العلماء ذكروه لما رأيتُ لذكرِهِ وجهاً. (هث) الهاء والثاء قريبٌ من الذي قبلَه، ومعظمه الاختلاط. *يقولون: الهثْهثَة: الاختلاط. وهَثْهَثَتِ السّحابةُ بثَلْجِها وقَطْرها: أرسلَتْه بسرعة: وهَثْهَثَ الوالي: ظَلَم قال: * وَهَثْهَثُوا فكثُرَ الهَثْهَاثُ * (هج) الهاء والجيم: أصلٌ صحيح يدلُّ على غُموضٍ في شيءٍ واختلاط، ومنه ما يدلُّ على حكايةِ صوت. فالأوّل قولهم: هَجَّتْ عينُه: غارت. وهو من باب الغُموض. والهَجَاجة: الأحمق الذي لا يَهتدِي للأمور، فكأنها قد عُمِّيت عليه. وقال ابنُ الأعرابيّ وغيره: ركِب فلانٌ هَجَاجِ، على فَعالِ، إذا ركب العَمياء المُظلِمة. وأنشد: * وقد رَكِبوا على لَومِي هَجَاجِ * والهَجِيج: الوادي العَمِيقُ؛ وهو من الغموض أيضاً. والباب الآخَر قولهم: هَجْهَجْتُ بالسَّبع: صحتُ به. وهَجْهَجَ الفحلُ في هديره. وهَجٍْ: زجْرٌ للكلب. قال: سَفَرَتْ فقلت لها هَجٍِ فتبرقَعَتْ *** فذَكَرتُ حين تبرقَعَت ضَبّارا
وضَبَّار: كَلْب. وهَجِيجُ النَّار: أجِيجُها. فأمَّا قولهم: ماء هُجَهِجٌ. لا عذب ولا ملح، فمن الإبدال، وقد ذكر في الهاء والزّاء. (هد) الهاء والدال: أصلٌ صحيح يدلُّ على كَسْر وهَضْم وهدم. وهَدَدْتُهُ هَدَّاً: هَدَمتُه. ويرجع الباب كلُّه إلى هذا القياس. فالهَدُّ من الرِّجال: الضَّعيف، كأنَّه هُدَّ. ورجال هَدُّونَ. وقد خُولف الأصمعيّ فخبّرني عليُّ بن إبراهيم القطّان، عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابي، وعن عمرو بن أبي عمرٍو عن أبيه قالا: الهَدُّ من الرِّجال: الجواد الكريم، والجِبانُ هِدٌّ بالكسر. وأنشدوا: ليسوا بِهَدِّينَ في الحروب إذا *** تُعقدُ فوق الحَراقِفِ النُّطُقُ
فإن كان كذا فالجبان هِدٌّ، أي مهدود، كذِبْحٍ للمذبوح. والهَدّ: الكريم الهادُّ لِمالِه. ومما يجري مجرى الأصوات الهَدَّة: صوتُ وقع الحائط. والهُدْهُد معروف. وهَدْهَدَ الحمامُ: صَوَّت. وهَدْهَدَت المرأةُ ابنَها: حَرَّكَتْه لينام. ومما شذَّ عن الباب ولا أعرِفُ لـه قياساً، قولُهم: مررتُ برجلٍ هَدَّكَ مِن رجُل، كقولهم: حسبُك من رجلٍ. وهي كلمةٌ كذا تقال. قال: ولي صاحبٌ في الغار هَدَّكَ صاحباً *** هو الجَوْنُ إلاّ أنّه لا يعلَّل
(هذ) الهاء والذال: أصيل يدلُّ على قَطْع. وهَذَّه: قَطَعه. وسكِّينٌ هَذُوذ. وهَذَاذَيْكَ من الهَذِّ: سُرعة القَطع، كأنّه يقول: أحكِم الأمرَ واقطَعْه. (هر) الهاء والراء: أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على صوتٍ من الأصوات، ويقاس عليه. يقولون: الهِرُّ: دُعاء الغنم. وذلك قولهم: "لا يعرِف هِرّاً من بِرٍّ". والبِرُّ: سَوْقُ الغَنَم. والهِرَّة: السِّنَّوْرة، وكأنَّها سمِّيت لصوتها إذا هَرَّت. [وهَرَّ الشَّوْك، إذا اشتَدَّ يُبْسُه، وله حينئذ هريرٌ] وزَجَل. قال: رَعَيْنَ الشبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى *** إذا ما هَرّ وامتنَعَ المَذَاقا
قال: والهُرْهُور: الماء الكثير الذي إذا جَرَى سمِعتَ له هَرْهَرَة. ويقولون: هَرَّ فلانٌ الكأس: كرِهَها. ولعلّه أن يكون قِيل ذاك لأنَّه يَهِرُّ في وجهِ مَن يسقيه. ومما ليس من الباب الهُرَار: داءٌ يأخذ الإبل، ناقة مهرورة. ورأسُ هِرّ: مكان. (هز) الهاء والزاء: أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ في شيء وحركة. وهَزَزْت القناةَ فاهتزَّتْ. واهتَزَّ النَّباتُ، وهزَّتْه الرِّيح. وهزَّ الحادي الإبلَ بحُدائِهِ واهتزَّتْ هي في سيرها. وهَزيزُ الرِّيح: حرَكتُها وصوتُها. ومن الباب الهَزَاهِزُ: الفِتَنُ يَهْتَزُّ فيها النّاس. وسيفٌ هَزهازٌ وهُزْهُزٌ: صافٍ حسنُ الاهتزاز. وماء هُزَهِزٌ: اهتزَّ في جَرَيانه. والكوكب في انقضاضه يهتَزُّ. والهُزَهِزُ: الرّجُل الخفيف، والقياسُ في كلِّ ذلك واحد. (هس) الهاء والسين: أُصَيلٌ يدلُّ على أصواتٍ واختلاط، كالهَسِيس. وهَسَاهِسُ الجنِّ مثل هَثَاهِثِهِم. وقولهم: راعٍ هَسْهاسٌ، من باب الإبدال، مثل قَسْقاس، إذا رَعى الغَنمَ اللَّيلَ كلَّه. (هش) الهاء والشين: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على رَخاوةٍ ولين. والرِّخْو اللَّيِّن هَشٌّ. ومنهُ *رجل هشٌّ: طَلْق المُحيَّا، وقد هَشِشتَ، وذُو هَشَاش. والفرس الهَشُّ: الكثير العَرَق. وشَاةٌ هَشُوشٌ: ثَرَّةٌ. ومن الباب هَشَشْتُ الورقَ هشّاً: خبطتُه بعَصاً. (هص) الهاء والصاد كلمةٌ تدلُّ على غَمْز الشَّيء. يقولون للذِّئب: هُصْهُص. وهَصْهَصْتُ الشيءَ: غَمَزته. ويقولون، وما أدري كيف هو: إنَّ الهاصَّةَ: عَينُ الفِيل، وهو عندي مما يُسمَع. (هض) الهاء والضاد كلمةٌ تدلُّ على رَضٍّ أو أكثرَ منه. وهَضَضْتُ الشَّيءَ وهَضْهَضْتُه: كَسَرْته. والهَضْهاض: الفحل الذي يهضُّ أعناق الفَحُول. ويمكن أن يكون الهَضَّاء: الجماعةُ من الناس من هذا. (هف) الهاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خِفَّةٍ وسُرعةٍ في سَير وصَوت. فالهَفيف: سُرْعة السَّير. قال ذو الرُّمة: إذا ما نَعَسْنا نَعْسَةً قلتُ غَنِّنا *** بخرقاءَ وارفَعْ من هَفِيف الرّواحِلِ
ومنه الرِّيحُ الهَفَّافة: الخفيفة الهُبوب. والظِّلُّ الهفَّاف: الساكن. ومنه قميصٌ هَفْهافٌ: رقيق. والهِفُّ: الذي هَراقَ ماءَه وخَفَّ من السَّحاب. والهَفَّاف: البَرَّاق. والشُّهْد الهِفُّ: الرَّقيق القليل العسل، سمِّي لخفَّته، وكذلك الهِفُّ من الزَّرع: الذي يُؤخَّرُ حَصادُه فينتثر حَبُّه. ومنه المرأة المهَفْهَفة: الخميصة الدقيقة الخصر. واليَهْفُوف: الأحمق لخِفَّةِ عقله؛ ويقال هو الجَبَان. (هك) الهاء والكاف أُصَيلٌ يدلُّ على انفراجٍ في شيء أو شَقّ. يقال انهكَّ صَلا المرأةِ انهِكاكاً: انفَرَجَ عند الوِلادِ. ويقولون: هكَّه بالسَّيف: ضَرَبه. والهَكُّ: المطَر الشديد، لأنّه يَهُكُّ الأرض. وانهكَّت البِئرُ: تهوَّرت. (هل) الهاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفْع صَوت، ثم يُتَوسَّع فيه فيسمَّى الشيءُ الذي يصوَّت عنده ببعض ألفاظِ الهاء واللام. ثم يشبَّه بهذا المسمَّى غيرُه فيسمَّى به. والأصل قولهم أهَلَّ بالحجِّ: رفَعَ صوته بالتَّلبِيَة واستهلَّ الصَّبيُّ صارخاً: صوَّت عند وِلادِه. قال ابنُ أحمر في الإهلال: يُهِلُّ بالفَرْقدِ رُكبانُها *** كما يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ
ويقال: انهلَّ المطرُ في شِدَّة صوبِه وصوته انهلالاً. وأمَّا الذي يُحمَلُ على هذا للقُرْب والجِوار فالهِلالُ الذي في السَّماء، سمِّي به لإهْلاَلِ النّاس عند نظرِهم إليه مكبِّرين وداعين. ويسمَّى هلالاً أول ليلةٍ والثّانية والثالثة، ثم هو قمرٌ بعد ذلك. يقال أهَلَّ الهِلالُ واستُهِلَّ. ثم قيل على مَعنى التَّشبيه تَهَلَّلَ السَّحابُ ببرقه: تلألأ، كأنّ البرق شُبِّه بالهلال. وممَّا حمل على التَّشبيه أيضاً الهِلال: سِنانٌ له شُعبتان. والهلالُ: الماء القليل في أسفل الرَّكِيِّ. والهِلال أيضاً: ضَربٌ من الحيَّاتِ. قال ذو الرُّمَّة: إليك ابتَذَلْنَا كلَّ وهمٍ كأنَّه *** هلالٌ بدا في رمضةٍ يتقلَّبُ
ويقولون: الهلال: سَلْخ الحيّة. والهِلال: طرَف الرَّحَى إذا انكسَرَ منها. ويقولون: ثوبٌ هَلْهَلٌ: سخيف النّسج، كأنَّه في رِقَّتِهِ ضوءُ الهلال. وشِعْرٌ هَلْهَلٌ: رقيق. وسمِّي امرؤ القيس بن ربيعة مُهلهِلاً لأنَّه أوَّلُ من رقّق الشِّعر، وقال قومٌ: بل سمِّيَ مُهلهِلاً بقوله: لمَّا تَوَعَّرَ في الكُراعِ هجينُهم *** هَلْهَلْتُ أثْأَرُ جابراً أو صِنْبِلاَ
وذلك أنَّه إذا أراد إدراكه صوَّت متدارِكاً. ويقال الهُلاهِل: الماء الكثير، وهذا لأنَّ له في جَرَيانِهِ صوتاً؛ وهو [في] الأصل هُراهِر. والهلال: ما يَضُمُّ بين حِنْوَي الرَّحْل، والجمع أهِلّة. ومما شذّ عن هذا الأصل قولهم: حَمَل فلانٌ على قِرْنه ثمَّ هَلَّل، إذا أحْجم. فأمّا قول القائل: وليس لها ريحٌ ولكنْ وَديقةٌ *** يظلُّ بها السَّاري يُهِلُّ وينْقَعُ
ويقال للخَيل: هَلاَ: قِرِي، صوتٌ يصوَّتُ به لها. (هم) الهاءُ والميم: أصلٌ صحيح يدلُّ على ذَوْبٍ وجَرَيانٍ ودَبيبٍ وما أشبَهَ ذلك، ثم يقاس عليه. منه قول العرب: همَّني الشَّيءُ: أذَابَني. وانْهَمَّ الشَّحمُ: ذاب. والهاموم: الشَّحم الكثير الإهالة. والسَّحاب الهامُوم: الكثير الصَّوب. والهَموم: البئر الكثيرة الماء. قال: * إنَّ لها قَلَيْذَماً هَمُوما * والهَميمة: المَطْرَة الخَفيفة، والرِّيح الرَّيْدانة: اللَّيّنة الهبُوب. والهَوَامّ: حشرات الأرض، سمِّيت لِهميمها، أي دَبِيبها. قال: ترى أثرَه في صَفحتَيه كأنَّه *** مدراجُ شِبثانٍ لَهُنَّ هميمُ
وهمَّم في رأسه: جعَلَ أصابعَه في خِلال شعره، يجيء بها ويذهب لينام، كأنَّ أصابِعَه تَدِبُّ في خلال شعره. ومن الباب الهِمُّ: الرّجل المُسِنّ؛ والمرأة هِمَّة، كأنهما قد ذابا من الكبر. وأمَّا الهَمُّ الذي هو الحزن فعندنا من هذا القياس، لأنّه كأنّه لشدته يَهُمُّ، أي يذيب. والهَمُّ: ما هَمَمْتَ به، وكذلك الهِمَّة، ثم تشتقُّ من الهِمَّة: الهُمام: الملك العظيم الهِمّة. ومُهِمُّ الأمرِ: شديدُه. وأهمَّنِي: أقْلَقَني. والقياس واحد. وقولُ الكميت: عادلاً غيرَهُمْ من النَّاسِ طرَّاً *** بِهِمُ لا هَمَامِ لي لا هَمامِ
فإنّه يقول: لا أُهمّ بذلك ولا أفعلُه. وقد فسَّرنا معنى الهِمّة. (هن) الهاء والنون: أصلٌ صحيح يدلُّ على جِنْس من اللَّحم، وفيه شيءٌ من الكلام الذي نَنْسبه إلى الإشكال، وإن كان علماؤنا قد تكلَّموا فيه. فالأوّل الهَنَّةُ، يقال إنَّها شحمةُ باطِنِ العين، كذا قال أبو بكر. والهُنَانَة: الشَّحمة. ويقال: ما بهذا البعير هانَّة، كما يقال: ما بهِ طِرْقٌ. وأمَّا الكلام الآخر فقال الفراء: اجلس ها هُنا قَريباً، وتنحَّ ها هَنَّا، أي تباعَدْ. فأمَّا قول الأعشى: لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبيرة أم مَنْ *** جاءَ منها بطائف الأهوالِ
قالوا: معناه ليست جُبيرةُ حيث توهَّمْت، يوئسُه منها. وكذلك قولُ الرَّاعي: أفي أثَرِ الأظعانِ عينُك تَلمحُ *** نَعم لاتَ هَنَّا إنَّ قَلبَك مِتْيَحُ
قالوا: معناه ليس الأمرُ حيث ذهبتَ. وقول الآخر: * حَنَّتْ نَوارُ ولاتَ هَنَّا حَنَّتِ * يقول: ليس ذا موضعَ حنين. وقوله: * لمَّا رأيت مِحْمَلَيْها هَنَّا * أراد هاهنا. وقال ابن السِّكِّيت في قوله: * لمَّا رأى الدّارَ خَلاءً هَنَّا * قال: بكى. يقال هَنَّ، إذا بكى. وإنما نقف في مثل هذه المشكلات حيثُ وُقِّفْنا، وإلا فما أحسب أحداً منهم لخَّصها ولا فسَّرها بعد.
(هوي) الهاء والواو والياء: أصلٌ صحيح يدلُّ على خُلُوٍّ وسقوط. أصله الهواء بين الأرض والسماء، سمِّي لخلوِّه. قالوا: وكلُّ خالٍ هواء. قال الله تعالى: {وأفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم 43]، أي خاليةٌ لا تَعِي شيئاً، ثمَّ قال زُهير: كأنَّ الرَّحْلَ منها فوقَ صَعلٍ *** من الظِّلْمان جؤجؤهُ هواءُ
ويقال هَوَى الشّيءُ يَهوِي: سقط. وهاويةُ: جهنم؛ لأنَّ الكافِر يَهوِي فيها. والهاوية: كلُّ مَهْواة. والهُوَّة: الوَهدة العميقة. وأهْوَى إليه بيده ليأخذه، كأنّه رمَى إليه بيده إذا أرسلها. وتهَاوَى القَوْمُ في المَهْواة: سقط بعضهم في إثْر بعض. ويقولون: الهَوِيُّ ذَهابٌ في انحدار، والهُوِيّ في الارتفاع. قال زُهير في الهَوِيّ: يَشُقُّ بها الأماعِزَ فهي تَهوِي *** هَوِيّ الدَّلْوِ أسلَمَها الرِّشاءُ
وقال الهذَليّ في الهُوِيّ: وإذا رميتَ به الفِجاجَ رأيتَه *** يَهوِي مَخارِمَها هُوِيَّ الأجدلِ
وهَوَت الطّعنةُ: فَتَحَتْ فاها تَهوِي، وهو من الهواء: الخالي. وهَوَتْ أمُّهُ: شَتْمٌ، أي سقَطَتْ وهَلَكَتْ. وَ{أُمُّهُ هَاوِيةٌ} [القارعة 9] كما يقال: ثاكلة. والمَهْوَى: بُعدُ ما بين الشَّيئينِ المنتصِبَين، حتى يقالُ ذلك لبُعْد ما بين المَنْكِبَين. وأمَّا *الهوى: هَوى النَّفسِ، فمن المَعنيين جميعاً، لأنه خالٍ من كلِّ خير، ويَهوِي بصاحِبِه فيما لا ينبغي. قال الله تعالى في وصف نبيّه عليه الصلاة والسلام: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى} [النجم 3]، يقال منه هَوِيتُ أهْوَى هَوىً. وأمَّا المُهاواة فذكر أبو عمرٍو أنها الملاجَّة. وقال أبو عبيد: شدّة السَّير. وأنشد: فلم تستطع مَيٌّ مَهاوَاتنا السُّرَى *** ولا ليلَ عِيسٍ في البُرِينَ خواضِعِ
والذي قاله فصيح: أمَّا المُلاجَّة فلأنَّ كلَّ واحدٍ منها يحبُّ هَوَى صاحِبه. وأمَّا السَّير فلِمَا في ذلك من التَّرامِي بالأبدان عند السَّير. (هوب) الهاء والواو والباء: ليس بأصلٍ جيّد، لكنهم يقولون: الهَوْب: المُخَلِّط. وحكى ابن دريد في طرائفه أصابني هَوْب النار: وهَجها. (هوت) الهاء والواو والتاء: قريبٌ من الذي قبلَه. يقولون: الهَوْتة: الطَّريقُ إلى الماء. وصَبَّ الله عليه الهَوْتَةَ والمَوْتة، شتمٌ، قاله الخليل. (هوج) الهاء والواو والجيم: كلمةٌ تدلُّ على تسرُّعٍ وتعسُّف. يقولون: الأهوج: الرَّجلُ المتسرِّع. والهوجاء: النَّاقة السريعة، كأنَّ بها هَوَجا. والهوجاء: الرِّيح التي تقلَع البُيوت. وقال أبو بكر: وقد تَهُبُّ في وجهٍ واحد هبوباً متدارِكا. ويقولون: الهاجَةُ: الضِّفدِعة. (هود) الهاء والواو والدال: أصلٌ يدلُّ على إرْوادٍ وسُكون. يقولون: [التَّهويد]: المَشْيُ الرُّوَيْد. ويقولون: هَوَّدَ، إذا نامَ. وهَوَّد الشَّرابُ نَفْسَ الشاربِ، إذا خَثَرت له نَفْسُه. والهَوَادَة: الحالُ تُرجَى معها السَّلامةُ بين القوم. والمُهَاودة: المُوادَعَة. فأمَّا اليَهود فمِن هاد يَهُودُ، إذا تاب هَوْدَاً. وسُمُّوا به لأنَّهم تابُوا عن عبادة العجل. وفي القرآن: {إنَّا هُدْنا إلَيْكَ} [ الأعراف 156]، وفي التَّوبةِ هوادةُ حالٍ وسلامةٌ. (هوذ) الهاء والواو والذال: كلمةٌ واحدة، هي هَوْذَةُ: القَطاةُ، وبها سمِّي الرجل هَوْذَة. (هور) الهاء والواو والراء: أصلٌ يدلُّ على تساقُطِ شيء. منه تَهَوَّرَ البِناء: انهَدَم. وتهوّر اللّيلُ: انكسَرَ ظلامُه، كأنَّه تهدَّم ومرَّ. وتهوَّرَ الشِّتاء: ذهبَ أشدُّهُ. ويقولون للقطيع من الغَنم: هَوْرٌ؛ وهو صحِيحٌ لأنَّه مِن كثرته يتساقط بعضُه على بعض. ومما شذَّ عن الباب قولهم: هُرْتُ فلاناً بكذا أهُورهُ: أزْنَنْتُه به. قال: * رأى أنَّني لا بالكثير أهُوره * (هوس) الهاء والواو والسين: كلمةٌ تدلُّ على طَوَفَانٍ ومَجيءٍ وذَهاب في مثلِ الحَيرة. فالهَوْس: الطَّوَفَانُ؛ وكلُّ طلبٍ في جُرأة هَوْس. ويقال أسَدٌ هَوَّاس. وباتَت [الإبلُ] اللَّيلَ تَهُوس: تَسرِي. ومن المحمول على هذا الهَوْس: شِدّة الأكل. يقال: أكُولٌ هَوَّاس. ومن الباب ناقَةٌ هَوِسَةٌ: ضعيفة، وهي إذا كانت كذا حارت. ومنه قولهم به هَوَسٌ. (هوش) الهاء والواو والشين: أُصَيلٌ يدلُّ على اختلاطٍ وشِبهه. منه هَوَّشُوا: اختَلَطوا. وهَاشت الخيلُ في الغارة. والمَهَاوش في الحديث من هذا. ويقال: هَوَّشَت الرِّيحُ بالتُّراب: جاءت به ألواناً. ومنه الهَوش: العدد الكثير. وتَهَوَّشَ القوم على فُلانٍ: تَغَاوَوْا عليه. وشذَّ عنه الهَوَش، يقال إنَّه صِغَر البَطْن. قال: * قد هَوِشَتْ بطونُها واحقَوقَفَتْ * وهم مُتَهاوِشُون، أي مختلِطُون. (هوع) الهاء والواو والعين: كلمتان: الهَوْع: سُوء الحِرص. يقال رجلٌ هَاعٌ. والكلمة الأخرى: الهُوَاع: القَيء. يقال: هَاعَ يَهُوع وتَهَوَّع. قال الخليل: لأُهَوِّعَنَّه ما أكَل، أي لأستخرِجنَّ من حَلْقِه ما أكَلَ. (هوف) الهاء والواو والفاء: كلمةٌ واحدة تدلّ على خِفّة. يقال الهُوفُ: الرِّيح تأتي من قِبَلِ اليمن. قالت *أمُّ تأبَّطَ شراً تؤبِّنُه: "ما هو بِهُلفوف، تلفُّه هُوف" وبذلك يشبَّه الأحمق، فيقال له هُوف. قال أبو بكر: ورجلٌ هُوفٌ، إذا كان خاوياً لا خَيرَ عنده. (هوك) الهاء والواو والكاف: كلمةٌ تدلُّ على حُمقٍ ووقوع في الشيء على غير بصيرة. فالهَوَك: الحُمْق. وتهوَّكَ الرجلُ: وقع في الشَّيء. وفي الحديث: "أمُتَهوِّكُون أنتم كما تهوَّكَت اليهودُ والنَّصارى". (هول) الهاء والواو واللام: كلمتانِ تدلُّ إحداهما على مخافةٍ، والأخرى على تحسينٍ وزِينة. فالأولى: الهَوْل، وهي المخافة. وهالَنِي الشَّيءُ يهُولُني. ومكانٌ مَهالٌ: ذو هَوْل. قال الهذلي: أجاز إليْنا على بُعده *** مهاوِيَ خَرق مَهَابٍ مَهَالِ والتَّهاويل: ما هالَكَ من شيء. وهَوَّلُوا على الرّجل: حَلَّفوه عند نارٍ يهوِّلون بها عليه. قال أوس: * كما صَدَّ عن نارِ المُهَوِّل حالِفُ * والأخرى قولهم لزِينة الوَشْيِ: تَهَاويل. ويقال هَوَّلَتِ المرأةُ: تزيَّنت بحَلْيها. (هوم) الهاء والواو والميم كلمة. يقولون: هَوَّمَ الرَّجُل، إذا هزَّ رأسَه من النُّعاس. وقد هَوَّمْنا. قال: * ما تَطعم العينُ نوماً غيرَ تَهويمِ * (هون) الهاء والواو والنون أُصَيلٌ يدلُّ على سكون أو سكينة أو ذلّ. من ذلك الهَوْن: السَّكينة والوَقار. قال الله سبحانه:{يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} [الفرقان 63]. والهُون: الهَوان. قال عزّ وجلّ: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} [النحل 59]. والهَاوُون لِلذي يُدقُّ به عربيٌّ صحيح، كأنّه فاعول من الهَوْن. (هوه) الهاء والواو والهاء. يقولون: الهَوْهَاء: الأحمق. ويقولون: الهواهِي: الباطل. قال ابنُ أحمر: في كل يوم يَدْعُوانِ أطِبَّةً *** إليَّ وما يُجْدُونَ إلاّ الهَواهِيا
قال الخليل: وبئرٌ هوهاءُ، على زنة حمراءَ: كثيرةُ الماء.
(هيأ) الهاء والياء والألف كلمةٌ تأتي وهاؤها زائدة. يقال: هَيَا، والمرادُ: يا. قال الشاعر: فَيُصِيخُ يرجُو أنْ يكونَ حَياً *** ويقولُ مِن طربٍ هَيَا ربَّا
(هيب) الهاء والياء والباء كلمةُ إجلالٍ ومخافة. من ذلك هابَه يَهابُه هَيْبةً. ورجلٌ هَيُوبٌ: يَهاب كلَّ شيء. وهَيُوبٌ: مَهِيبٌ. وقولهم: "الإيمانُ هَيوبٌ"، قال قوم: مَهيبٌ، وقال قوم: إنَّ المؤمنَ يَهاب الانقِحامَ فيما يسرِعُ إليه غيرُه. وتهيَّبْت الشَّيءَ: خِفتُه. وتَهَيَّبنِي الشَّيءُ، كأنَّه أخافَني. قال: * ولاَ تَهَيَّبُني المَوْماةُ أركبُها * والهَيَّبانُ: الجَبَان. وأمّا قولهم: أهابَ بِهِ، إذا صاح به، يُهيبُ كما يُهيب الرّاعِي بغنمِه لتقِفَ أو تَرجِع، فهو من القياس، لأنَّه كأنَّه يُفْزِعه. ومما ليس من الباب ولا أعلم كيفَ صِحّتُه، قولُهم: الهَيَّبَان: لُغَامُ البَعير. (هيت) الهاء والياء والتاء كلمةٌ تدلُّ على الصَّيحة. يقولون: هيَّتَ به، إذا صاح. قال: * لو كانَ مَعْنِيَّا بِها لَهَيَّتا * ويقولون في معنى هَيْت لك: هَلُمَّ. (هيج) الهاء والياء والجيم أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على ثَوَران شيء، والآخر على يُبْس نَبَات. فالأوّل: هاجَ الفحلُ هَيْجاً وهِياجاً. وكذلك الدَّم: والهَيْجاء تمدُّ وتقصر. وهِجت الشَّرَّ وهيَّجْته. وهيَّجْتُ النّاقَة فانبعثَتْ. ويقال للنَّاقةِ النَّزوع إلى وَطَنِها: مِهياج. والآخَر قولهم: هاجَ البقلُ، إذا اصفرَّ ليَيْبَس. وأرضٌ هائجة: يَبِس بقلُها. وأهْيَجْتُ الأرضَ: صادفتُ نباتَها هائجاً قد ذَوَى. قال رؤبة: * وَأهْيَجَ الخَلصَاءَ من ذات البُرَقْ * (هيد) الهاء والياء والدال. الأصل الذي ينقاسُ منه التَّحريك والإزعاج وباقي ذلك ممَّا لا يُعرَف قِياسه. فالأول قولهم: هِدْتُ الشَّيءَ حرّكته، هَيْداً. وهَادَني يَهِيدُني: كرَثَني وأزعجَني. يقولون: لا يَهِيدَنَّكَ. والهيْدَان: الجبان: كأنَّهُ يُزعِجُه كلُّ شيء. *وهِيد: كلمةٌ تقال عند سَوْقِ الإبل. ويقال: هَيَّدَ في [السَّيْر]: أسرَعَ. وأمَّا الحديث في ذكر مسجِد رسول الله عليه الصلاة والسلام: "هِدْهُ" أي أصْلِحْه، قالوا: ولا يكونُ ذلك إلاَّ بعد الهَدْم. ومعنى هذا أنّ اليَبابَ كانَ هادماً فلمّا بُنِيَ كأنَّهُ أُحْيِيَ. وأمَّا الذي يُشكِل قياسُه، وهو عندنا من الكلامِ الذي درَسَ عِلمُه قولُهم: هَيْدَ مالَكَ، وأكْثرُ ما قيل في ذلك: ما أمرُك، ما شأنك؟ وأنشدوا: يا هَيْدَِ مالَكَ من شوقٍ وإيراقِ *** ومَرِّ طَيْفٍ على الأهْوالِ طَرَّاقِ
(هيس) الهاء والياء والسين. يقولون: الهَيْسُ: السَّيْرُ. قال: * إحدَى لياليكِ فهِيسِي هِيسِي * (هيش) الهاء والياء والشين. الهَيْش: الحَلْب الرُّوَيْد. والهَيْش: الحركة. قال: وهاشَ في القَوم يَهِيش: أفْسَدَ وعاثَ. (هيض) الهاء والياء والضاد كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على كَسرِ شيءٍ، وما أشبَهَه. يقال: هاضَ عَظْمَه: كَسَرَه بعد الجَبْر. وكذا هِيضَ الإنسانُ: نُكِسَ في مرضه بعد البُرْء. وفي حديث أبي بكر: "إنَّ هذا يَهِيضُكَ". (هيط) الهاء والياء والطاء كلمتانِ: إحداهما [الهِيَاط]: الصِّياح، والأخرى كلمةٌ حكاها الفَرّاء: تَهايَطَ القومُ: اجتَمَعُوا لإصلاحِ ما بينَهُم. (هيع) الهاء والياء والعين كلمةٌ واحدة، وهي الهَيْعة: الصَّوْت الذي يُفْزَع منه ويُخاف. يقال: رجلٌ هاعٌ وهائِع. وفي الحديث: "كلما سمعَ هَيْعَةً طار إليها". وقد هاعَ يَهِيعُ. قال الطرِمَّاحُ: أنا ابنُ حماةِ المجدِ مِنْ آلِ مالكٍ *** إذا جعلَتْ خُور الرِّجال تهِيعُ
أي تجْبُن. ويحتمل أنَّ أصلَ الباب الانبساط والاسترسال. والمَهْيَعُ: الطَّرِيق الواسع الواضح. والهَيْعة: سَيَلان الشّيء المصبوب على وَجْه الأرض، أي يَنْبَسط. قال الخليل: وأرض هَيْعة: واسعةٌ مبسوطة. متهيِّع: حائر هائع. وكلُّ ذلك من ذلك الأصل. (هيغ) الهاء والياء والغين كلمةٌ تدلُّ على رَغَد ونَعْمةِ عيش. يقال إن الأهْيَغَ: أرغَد العيشِ. ويقولون: الأهْيَغانِ: الأكلُ والنِّكاح. ويقال: هيَّغْتُ الثَّرِيدةَ: أكْثَرْتُ وَدَكَها. قال: * يَغْمِسْنَ مُن غَمَسْنَهُ في الأهْيَغِ * (هيف) الهاء والياء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على حرارةٍ وعطش، ثم يستعار ذلك. فالهَيْف: ريحٌ حارَّة تجيء في قُبُل الصَّيف، تُعطِش المالَ وتُوبِسُ الرُّطْبَ. ورجلٌ مِهيافٌ: لا يصبِرُ عن الماء. وأهَافُوا: عَطِشت إبلُهم. واستُعِير فقِيل لمَن دقَّ خَصْره: أهْيَف، كأنَّ ثَمَّ عطَشا؛ والجمع هِيفٌ. وفَرَسٌ هَيْفاء: ضامرة. (هيق) الهاء والياء والقاف كلمة واحدة، وهي الهَيْق: الظَّليم، ويقال لكلِّ طويلٍ دقيقٍ: هَيْقٌ، تشبيهاً. (هيل) الهاء والياء واللام كلمةٌ واحدةٌ تَدُلُّ على دَفْعِ شيء يمكن كَيْلُه دفعاً من غير كَيْل. وهِلْتُ الطَّعامَ أهِيلُه هَيْلاً: أرسَلْتُه. قال الله سبحانه: {وَكَانَتِ الجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً} [المزمل 14]. ومنه قولُهم: "جاءَ بالهَيْل والهَيْلُمَان"، أي الشَّيء الكثير. (هيم) الهاء والياء والميم كلمةٌ تدلُّ على عطشٍ شديد. فالهَيَمان: العَطَش. والهِيمُ: الإبل العِطاش، والهِيمُ: الرِّمال التي تَبْتَلِع الماء. والهُيام: داءٌ يأخذُ الإبلَ عند عطَشِها فتَهِيم في الأرض لا تَرعَوِي. وبه سمِّي العاشق الهَيْمانَ، كأنَّه جُنَّ من العِشْق فذَهَب على وجهه [على] غير قصد. والهَيْماء: المَفازَةُ لا ماءَ بها. (هين) الهاء والياء والنون: الهَيْن: الأمر الهيِّن، وهو من الواو، وقد مرَّ.
ولا تكون الألف إلا مبدَلة ([هال]) الهالَةُ: دائرةُ القَمَر حَوْلَه. (هام) الهاء والألف والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على عُلُوٍّ في بعض الأعضاء، ثم يستعار. فالهامة: الرَّأْس، والجمع هامٌ وهامات. وسيِّد* القومِ: هامةٌ، على معنى التَّشبيه. وأمَّا الهامَة في الطَّير فليست في الحقيقة طيراً، إنما هو شيءٌ كما كانت العرب تقوله، كانوا يقولون: إنَّ رُوحَ القَتيل الذي لا يُدرَك بثأره تَصِيرُ هامةً فتَزْقُو تقول: اسقوني، اسقُوني! فإذا أُدْرِكَ بثأره طارت. وهو الذي أراده جريرٌ بقوله: ومِنَّا الذي أبْلَى صُدَيَّ بنَ مالكٍ *** ونَفَّرَ طيراً عن جُعَادة وُقَّعا يقول: [قَتَل] قاتلَه فنفَّرَ الهامة عن قبره.
(هبت) الهاء والباء والتاء كلمةٌ تدلُّ على ضَربٍ متتابع. وهُبِتَ الرَّجُل يُهْبَتُ. وفلانٌ مهبوتٌ، أي لا عقلَ له، ثمَّ سمِّي الجبانُ الضَّعيف هَبيتاً، كأنه قد هُبِتَ. قال طَرَفة: فالهَبِيتُ لا فؤادَ لـه *** والثبيتُ ثَبْتُهُ فَهَمُه
(هبث) الهاء والباء والثاء. يقولون: الهَبْث: الحَركة. (هبج) الهاء والباء والجيم كلمةٌ تدلُّ على تورُّمٍ وثِقَل. وهَبِجت النّاقة هَبَجا: وَرِمَ ضَرعها. ولذلك يُقال للثَّقيل النَّفْس مُهَبَّج. وهَبَجَه بالعَصَا: ضَرَبه. ومما شذَّ عن هذا الهَوْبَجة، وهي خَبْرَاءُ في مكانٍ غير قَعِير، فلا يلبثُ ماؤها أن يَنْضُب. (هبخ) الهاء والباء والخاء. الهَبَيَّخَة: الجارية تمشِي مُتَبَخْتِرَة. (هبد) الهاء والباء والدال الهَبيد: حبُّ الحنظل. والتَّهَبُّد: أخْذُه وإصلاحه. وخرجُوا يتهبَّدُون. (هبذ) الهاء والباء والذال كلمةٌ واحدة، معناها السُّرعة. قال الخليل: المُهابَذَة: السُّرعة. وقال ابن دُرَيد: الهَبْذ: سُرْعة في المشي. ومَرَّ يَهْـبُِذُ هَبْذاً، واهتبذَ اهتباذاً. (هبر) الهاء والباء والراء: كلمتان: إحداهما قطعٌ في الشّيء وتقطُّع، والأخرى صفةُ مكان. فالأولى: الهَبْر: قَطْع اللَّحم. والهَبْرة: البَضعَة منه. يقال هَبَرتُ لـه هَبْرةً. وناقةٌ هَبْراء وهَبِرَة: كثيرةُ اللَّحم. والهَوْبَر: الذي تَقَرَّدَ شَعَْرُه، كأنّه قد تقطَّعَ قِطعاً مجتمعة. ومن ذلك الهِبْرِيَة: ما كانَ في أسفل الشَّعر مثلَ النُّخالة، سمِّي بذلك لأنّه متقطِّع. وسيف هَبَّارٌ وهابرٌ: ينتسِفُ القِطعةَ من اللَّحم فيَطرحُها. وأمَّا الكلمة الأخرى فالهَبير: مطمئِنٌّ من الأرض. ويقال الهُبُور: الصُّخور بينَ الرَّوابي أو الصُّخورُ، أنا أشُكُّ في ذلك. وكلمةٌ يقولونها ما أدرِي ما أصْلُها. يقولون: "لا آتِيكَ هُبَيْرةَ بنَ سعدٍ" أي أبداً. (هبز) الهاء والباء والزاء. ذكَرُوا عن أبي زَيد: هَبَزَ: ماتَ. (هبش) الهاء والباء والشين: كلمةٌ واحدة. يقال هو يَتهَبَّش، أيْ يتكسَّب. والهُبَاشَة: الكَسْب. قال: لولا هُباشاتٌ من التَّهبِيش *** لِصِبْيَةٍ كأفْرُخ العُشوشِ
وهو يتهَبَّش لأهلِه. (هبص) الهاء والباء والصاد: كلمةٌ واحدة. الهَبَص: النَّشاط. رجلٌ هَبِصٌ. قال: مَرَّ وأعطانِي رشاءً مَلِصا *** كذَنَب الذِّيب يُعَدِّي هَبِصا
(هبط) الهاء والباء والطاء: كلمةٌ تدلُّ على انحدار. وهَبَط هُبوطاً. والهَبُوط: الحُدور. وهَبَطتُ أنا وهَبَطْتُ غيرِي، وهَبَط المرضُ لحمَ العَليل. والهَبِيط: الضَّامر من الإبل. (هبع) الهاء والباء والعين: كلمةٌ تدل على ضربٍ من المَشْي. وهَبَع هُبوعاً: مَشَى مَشْيَ حمارٍ بليد. ويقال هو مَدُّ العُنق في المَشْي. والهُبَع: الفَصيل يُنْتَجُ حَمَارَّةَ القَيظ، سمِّي هُبَعاً لأنّه إذا مشى هَبَع، أي استعانَ بعُنُقه. (هبغ) الهاء والباء والغين. هَبَغَ هُبُوغاً: نامَ. (هبل) الهام والباء واللام: فيه ثلاث كلمات، تدلُّ إحداها على ثُكْلٍ، والأخرى على ثِقَل، والثالثة على اغترارٍ وتغفُّل. الأولى الهَبَل: الثُّكْل، يقال: لأمِّه الهَبَل. قال: النَّاسُ مَنْ يلقَ خيراً قائلونَ له *** ما يشتهي ولأُمِّ المخطِئِ الهَبَلُ
والهَبُول من النِّساء: التي لا يَبقى لها ولد. والثانية المُهبَّل: الرّجُل *الثَّقيل الكثير اللَّحم. قال: مِمَّنْ حَمَلْنَ به وهنَّ عَواقِدٌ *** حُبُكَ النِّطاقِ فشَبَّ غَيْرَ مهَبَّلِ
والهِبِلُ: الشَّيخ الكَبير، والظَّليم المُسِنّ. والثالثة قولهم: اهْتَبَلَ الغِرّة، إذا افتَرَصَها. والهَبَّال: الصَّيَّاد يَهتَبِل الصَّيد يَغترُّه، ولذلك سمِّي الذِّئب هِبِلاًّ، لأنّه يَحتَالُ لصيده ويَهتَبِله. وأمَّا المَهْبِل فمستقَرُّ الولَد من الرّحِم، وهو عندنا من باب الإبدال، وهو في ذلك أصله مَحْبِل. (هبو) الهاء والباء والحرف المعتلّ: كلمةٌ تدلُّ على غَبَرة ورقَّة فيها. منه الهَبْوَة: الغَبَرة. وهبا الغُبارُ يَهبو فهو هابٍ: سَطع. والهَبَاء: دُقاق التُّراب. قال: تَزَوَّد منا بينَ أذْناهُ ضَربةً *** دعَتْه إلى هابِي الترابِ عقيم
وهَبَا الرَّمادُ: اختلَطَ بالتُّراب وهَمَد. والشَّيءُ المنبثُّ الذي تراه في ضَوء الشمس: هَباءٌ.
(هتر) الهاء والتاء والراء: أُصَيل يدلُّ على باطلٍ وسَيِّئٍ من القول، وأُهْتِرَ الرّجُل: خَرِف من الكِبَر. ومعنى هذا [أنّه] يتكلّم بالهِتْرِ، وهو السَّقَط من القَول. والأصل فيه هذا، ثمَّ يقال رجل مُستَهْتِرٌ: لا يُبالِي ما قِيلَ لـه، أي كلُّ الكلامِ عنده ساقط. وتَهاتَرَ الرّجُلانِ ادّعى كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه باطلاً. وهَتَرَه: مزَّقَ عِرضَه بباطلٍ هَتْراً، وهتَّره تهتيراً أيضاً. وقولهم للدَّاهية والأمر العَجَب: هِتْرٌ، هو من الإبدال، والأصل هِكْرٌ، وقد ذكرناه. (هتع) الهاء والتاء والعين. قال أبو بكر: هَتَع الرجلُ إلينا: أقبلَ، مثل هَطع، إذا أقْبَلَ مسرعاً. (هتف) الهاء والتاء والفاء: كلمة واحدة، هي الهَتْف: الصَّوت. وهَتَفَت الحمامةُ: صوَّتَتْ تَهتِف. وقَوسٌ هَتَّافةٌ وهَتْفَى هُتافاً: ذاتُ صوت. قال الهذليّ: عَلَى عَُِجْسٍ هَتَّافةِ المِذْرَوَيـ *** ـنِ زَوْراءَ مضجَعةٍ في الشِّمالِ (هتك) الهاء والتاء والكاف: أصلٌ يدلُّ على شَقٍّ في شَيء. والهَتْك: شَقُّ السِّتر عمَّا وراءَه. وهُتِكَ عَرشُ فلانٍ: هُدَّ وشُقّ. وسِرنا هُتْكةً من اللَّيل، أي ساعةً. وهاتَكْناها: سِرْنا في دُجاها. والمعنى أنَّا شَقَقْنا الظَّلام. (هتم) الهاء والتاء والميم: كلمةٌ تدلُّ على كسرِ شيء. يقال: هَتَمْتُ الشَّيءَ. والهُتامة: ما تهتَّمَ من شيءٍ. والهَتْمُ: كَسْر الثَّنَايا من أصلها؛ ورجلٌ أهتَم. (هتن) الهاء والتاء والنون كلمةٌ واحدة. هتَنَتِ السَّماء هَتْناً وهُتُوناً، مثل هتلَتْ. (هتي) الهاء والتاء والحرف المعتلّ. يقولون: المُهاتاةُ كالمعاطاة. يقال: هاتِ، أي أعْطِ، فتقول: ما أُهاتِيكَ، أي لا أُعْطِيك. فإذا هُمِز تغير المعنى. تقول تَهَتَّأَ الثوب: خَلُق، وهي هذه وحدها. قال أبو بكر: وهتأ الشّيءَ يهتأ، إذا كَسَرَهُ وطْئاً برجله.
(هثم) الهاء والثاء والميم ليس في هذا الباب عندنا إلاَّ الهَيْثَم، يقال: هو فَرْخ العُقَاب. ويقال الهَيْثم: الكَثِيب الأحمر. وحكي عن ابن الأعرابي: هَثَم من مالِهِ، مثل قَسَم، وقد مَرّ. وقال ابن دريد الهَثم: دقُّ الشَّيء حتى يَنسَحِق، وهثمتُه أَهْثِمه.
(هجد) الهاء والجيم والدال أُصَيْلٌ يدلُّ على ركودٍ في مكان. يقال: هَجَد، إذا نامَ هُجُوداً. والهاجد: النَّائم؛ وإن صلَّى ليلاً فهو متهجِّد، كأنَّه بصلاته تركَ الهجودَ عنه. وهذا قياسٌ مستعمَل، كما يقال رجلٌ آثم؛ فإذا كَرِهَ الإثمَ وانتَفَى منه قيل متأثِّم. والعرب تقول: أهْجَدَ البعيرُ: ألقَى جِرانَهُ بالأرض. (هجر) الهاء والجيم* والراء أصلانِ يدلُّ أحدهما على قطيعةٍ وقَطْع، والآخر على شَدِّ شيءٍ ورَبْطِه. فالأوَّل الهَجْر: ضِدُّ الوصل. وكذلك الهِجْران. وهاجَرَ القومُ مِن دارٍ إلى دارٍ: تَرَكُوا الأولى للثانية، كما فَعَل المهاجِرُون حين هاجروا من مكة إلى المدينة. وتهجَّر الرَّجلُ وتمَهْجَر: تشبَّه بالمهاجِرين. وفي الحديث: هاجِرُوا ولا تَهَجَّرُوا"، أي كونُوا منهم. و[قيل] لا يقال تَمَهْجَرُوا، والأوَّل أصوب عندنا. والهَجْر والهَجِير والهاجِرَة: نصفُ النّهارِ عند اشتداد الحرّ. وهَجَّرُوا: سارُوا في ذلك الوقت. وسمِّيت هاجرةً لأنَّ الناس يَسْتَكِنُّون في بيوتهم، كأنَّهم قد تَهاجَروا. والهَجِير: يَبيس النَّبْتِ الذي كَسرته الماشية، وسمِّي لأنَّ الراعِيَ يهجره. قال: ولم يَبْقَ بالخَلصاءِ مِمَّا عَنَتْ *** من النَّبْتِ إلاّ يَُبْسُها وهَجِيرُها
ومن الباب الهُجْر: الهَذَيان. يقال هَجَرَ الرّجلُ. والهُجْر: الإفحاش في المَنْطِق، يقال: أهْجَرَ الرّجُل في مَنْطِقه. قال: كما جدةِ الأعراقِ قال ابنُ ضَرَّةٍ *** عليها كلاماً جارَ فيه وأهْجَرا
ورماه بالهاجراتِ، وهي الفضائح، وسمِّي هذا كلُّه لأنّه من المهجور الذي لا خَيرَ فيه. ويقولون: هذا شيء هَجْرٌ، أي لا نظير له، كأنَّه من جَودته ومباينته الأشياءَ قد هَجَرها. ويقولون: هذا أهْجَرُ من هذا، أي أكرم. وقد يقال في كلِّ شيء. قال: * وماء يمانٍ دُونَه طَلَقٌ هَجْرُ * يقولون: هو طَلَقٌ لا طَلَق مِثلُه. والهَجِير: الحوضُ الكبير، سمِّي لأنَّه شيءٌ يُقتَطَع للماء. قال: * تَفرِي الفَرِيَّ بالهجيرِ الواسع * وقال: ظَلَّتْ تَلُوبُ رشَقاً هَجِيرُها *** لَوْبَ الرَّعايا لم يَجِئْ أجيرُها
(هجس) الهاء والجيم والسين: كلمةٌ واحدة. يقال هَجَس الشَّيءُ في النَّفْس: وَقَعَ. وقال أبو بكر: الهَجْس: النَّبْأة تَسمعها ولا تَفْقَهُها. (هجع) الهاء والجيم والعين: كلمةٌ تدلُّ على نوم. وهَجَع هُجوعاً: نام ليلاً. ولقيتُه بعد هَجعةٍ. ومما قِيس على هذا: رجلٌ هجع، أي أحمقُ مُستَنِيمٌ إلى كُلٍّ. (هجف) الهاء والجيم والفاء. يقولون: الهِجْفة، هي النَّاحية. وفي ذلك نظر. فأمّا الهِجَفُّ فالظَّليم المُسِنّ، وأظنُّه من الباب الذي زيدت فيه الهاء وأُبدلت زاؤه جيماً، وهو من الزِّفِّ، وهو رِيشُه. (هجل) الهاء والجيم واللام أصلانِ يدلُّ أحدُهما على اختلاطٍ، والآخرُ على رَمْي شيء. فالأوّل: الهَوْجل: المَشْيُ المُخْتَلِط. ويقال أهْجلْتُ الإبلَ: أهملتُها، وإذا أُهمِلَتْ اختلَطَتْ. قالوا: ومنه الهَجُول: المرأةُ البَغِيّ لأنّها تُخالِطُ كُلاًّ. والمُهاجَلَة، مثل المساجَلة. والقياس فيه واحد. والهَوْجَل من الأرض: الفَلاةُ لا أعلامَ بها. وسمِّيت لأنَّها لا يُهتدَى فيها، فيُخلَطُ الأمرُ على السَّفْر. والهَوْجل من الرِّجال: البطيء الذي يَختلِط عليه الأمور. قال: فأتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ مبطَّناً *** سُهُداً إذا ما نامَ ليلُ الهَوْجلِ
واللَّيل الطَّويل هَوْجلٌ، سمِّي لاختلاطِ ظلامه. قال الكميت: * هَوْجاءُ لَيْلَتُها هَوْجَلُ * ومن الباب الهَجْل: غائطٌ بين الجبال مطمئِنّ. والأصل الآخر هَجَلْتُ بالشَّيءِ: رَمَيتُ. (هجم) الهاء والجيم والميم: أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على وُرودِ شيءٍ بَغتةً، ثم يقاس على ذلك. يقال: هَجَمتُ على القوم بغتةً أهْجُم هُجُوماً. وريحٌ هَجُومٌ: شديدةٌ تقطِّعُ البيوت. وهَجْمَةُ الشِّتاء: شِدّةُ بَرده، وهو من ذلك القياس، لأنَّها تهجُم. وهَجْمَة الصَّيف: شِدّة حَرِّه. والهَجْم: القَدَح الكبير. [قال]: فتَملأُ الهَجْمَ عفواً وهي وادعةٌ *** حتَّى تكادَ شِفاه الهَجمِ تَنثلِمُ
وسمِّي هَجْماً لأنّه يهجُم على عَطَش الشَّارِب فيَكسِرُه. والهَجْمة من الإبل: ما بين التِّسعين إلى المائة، لأنّها تهجُم الموردَ بقوّة. وهَجَمت البيتَ: هَدَمته، وذلك أنّ أعلاه يهجم على أسفله إذا سقَط. وهَجَمت العينُ: غارت، كأنَّها تَهجُم على ما وراءها، تَدْخُلُ فيه. ....................................................................... ........................................................................... ........................................................................... ........................................................................... ومما شذَّ عن هذا القياس *هِجاء الحروف، يقال تَهَجَّيتُ. وإذا همز تغيّر المعنى. يقولون: هَجَأَ الطّعامَ: أكلَه.
(هدر) الهاء والدال والراء [يدلُّ] على سقوطِ شيء وإسقاطه، وعلى جنسٍ من الصَّوت. وهَدَرَ السُّلطانُ دمَ فلانٍ هَدْراً: أباحَه. وبنو فلان هَدَرَةٌ، أي ساقطون. ورجُلٌ هُدَرة. وبعضٌ يقولون: هَدَرةٌ: ساقط. قال: * إنّي إذا حَارَ الجبانُ الهُدَرَهْ * والمعنى الآخر هَدَرتِ الحمامةُ تَهْدِرُ، وهَدَرَ الفحلُ هديراً، وهدَرَ العَصيرُ في غَلَيانه. وهَدَر العَرْفَج: عظُم نَباتُهُ فإذا وقعت فيه الرِّيحُ كان له كالهدير. (هدع) الهاء والدال والعين: كلمةٌ. هي هِدَعْ، تُسكَّنُ بها صِغار الإبل عند نِفارها. والهَوْدَع: النَّعام. (هدف) الهاء والدال والفاء: أُصَيْلٌ يدلُّ على انتصابٍ وارتفاع. والهَدَف: كلُّ شيء عظيمٍ مرتفع، ولذلك سمِّي الرَّجُل الشَّخيص الجافي هَدَفاً. قال: إذا الهَدَفُ المِعزالُ صَوَّبَ رأسَه *** وأعجبهُ ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ
والهَدَف: الغرض. ورَكَب مستَهْدِف: عَرِيض. قال النَّابغة: * وإذا طَعَنْتَ طَعَنْتَ في مستهدِفٍ * وامرأة مُهْدِفَة: لَحِيمة. وأهْدَفَ لك الشّيءُ: انتصب. ومن الباب الهِدْفة: الجماعةُ من النَّاس. فأمَّا قوله: وحَتَّى سمِعْنا خَشْفَ بيضاءَ جَعْدةٍ *** على قَدَمَيْ مستهدِفٍ متقاصِرِ
فالمستهدِف: الحالِب المُنتصِب. يقول: سَمِعنا صوتَ الرِّغوة تتساقط على قَدَمِ الحالب. (هدق) الهاء والدال والقاف. فيه من طرائف ابن دريد: الهَدْق: الكَسْر. (هدك) الهاء والدال والكاف. قال ابن دريد: انهَدَكَ الرَّجُل علينا بكلامٍ كثيرٍ: انبَعَثَ. (هدل) الهاء والدال واللام: أصلانِ صحيحانِ: أحدُهما يدلُّ على استرخاءٍ في شيء، والآخر على ضربٍ من الصوت. فالأول: الهَدَل: اسْتِرخاء مِشْفَر البعيرِ وكلِّ شيءٍ. يقال منه هَدِلَ. وهَدَلتُ الشَّيءَ أهْدِلُه، إذا أرسلتَه إلى أسفل. والهَدَال: كلُّ غصنٍ نَبَتَ مستقيماً في أراكةٍ أو طلحةٍ. والصحيح أنْ يقال ثَمَّ: يَتَهدَّلُ. قال: يدعُو الهديلَ وساقَ حُرٍّ فوقَه *** أُصُلاً بأوديةٍ ذَواتِ هَدَالِ
ويقال: الهَديل: فَرخ الحمام. فإنْ كان كذا فكأنَّه سمِّي بصوته. قال: فقلتُ أتَبكِي ذاتُ شجوٍ تذكَّرتْ *** هَديلاً وقد أَوْدَى وما كان تُبَّعُ
(هدم) الهاء والدال والميم: أصلٌ يدلُّ على حَطِّ بناء، ثم يقاس عليه، وهَدَمت الحائطَ أهدِمُه. والهَدَم: ما تهدَّم، بفتح الدال. ومن الباب الهِدْم: الثَّوب البالي، والجمع أهْدام. ودماؤُهم هَدَم أي هَدَرٌ، كأنَّها قد هُدِمَتْ فلم يُطلَب بها. وقوله صلى الله عليه وسلم: "الدَّمُ الدَّمُ، والهَدَمُ الهَدَمُ"، قيل إنَّ معناه: مَحيانا مَحياكُم ومَماتُنا مَماتُكم. ويقال: ناقةٌ هَدِمةٌ: شديدة الضَّبَعة كأنَّها تنهدِم للفَحْل. والهَدْمَة: الدُّفعة من المَطَر، كأنَّها تتهدَّمُ في اندفاعها. ومما شذَّ عن هذا القياس المهدوم من اللَّبَن، وهو الرَّثيئة. (هدن) الهاء والدال والنون: أُصَيلٌ يدلُّ على سكونٍ واستقامة. سمعت أبا الحسن عليَّ بنَ إبراهيمَ القطّانَ يقول: سمعت ثعلباً يقول: تهادَنَ الأمر: استقام. وقال غيره: ومنه قياس الهُدْنة. ومن الباب الرجل الهَدَان: الخاملُ لا حَرَاك به. قال: ولا يَرعَوْنَ أكنافَ الهُوَينَى *** إذا حَلُّوا ولا أرضَ الهُدُونِ
وهَدَّنَت المرأةُ صبِيَّها بكلامها، إذا أرادت أن يَرقد. والتَّهدين: البُطء، وهو قياس الباب. (هدي) الهاء والدال والحرف المعتلّ: أصلانِ [أحدهما] التقدُّمُ للإرشاد، والآخر بَعثة لَطَفٍ. فالأوَّل قولُهم: هدَيتُه الطَّريق هِدايةً، أي تقدّمتُه لأرشدَه. وكلُّ متقدِّمٍ لذلك هادٍ. قال: إذا كان هادي الفتَى في البلا *** دِ صدر القَناةِ أطاعَ *الأميرا
وينشعب هذا فيقال: الهُدَى: خِلافُ الضَّلالة. تقول: هَدَيته هُدىً. ويقال أقبلَتْ هَوادِي الخيل، أي أعناقها، ويقال هاديها: أوّلُ رَعِيل منها، لأنّه المتقدِّم. والهادِيَةُ: العصا، لأنَّها تتقدَّم مُمسِكَها كأنَّها تُرشِده. ومن الباب قولهم: نَظَر فلانٌ هَدْيَ أمرِهِ أي جِهتَه، وما أحسَنَ هِدْيَتَهُ، أي هَدْيَه. ويقولون: جاء فلان يُهادِي بين اثنَين، إذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما. ورَمَيْتُ بسهمٍ ثمَّ رميتُ بآخَرَ هُدَيَّاه، أي قَصْدَه. والباب في هذا القياس كلِّه واحد. والأصل الآخر الهَدِيّة: ما أهدَيْتَ من لَطَف إلى ذي مَودَّة. يقال: أهدَيْتُ أُهدِي إهداءً. والمِهْدَى: الطَّبقُ تُهدَى عليه. ومن الباب الهَدِيُّ: العَروسُ، وقد هُدِيَتْ إلى بَعلها هِدَاءً. قال: فإنْ تكُنِ النِّساء مُخَبَّآتٍ *** حُقَّ لكلِّ محصَنَةٍ هِداءُ
والهَدْي والهدِيّ: ما أُهدِيَ من النَّعَم إلى الحَرَم قُربةً إلى الله تعالى. يقال هَدِيٌّ وهَدْيٌ. قال: وطُرَيفة بن العَبدِ كانَ هدِيَّهُمْ *** ضَرَبوا صميمَ قذالِهِ بمهنَّدِ
وقيل الهَدِيّ: الأسير. أمَّا المهموز فمن غير هذا القياس، وأكثره يدلُّ على السكون. وهَدَأ هُدُوّاً، أي سكن. وهدَأت الرِّجْلُ، إذا نام النَّاسُ. وأهْدأت المرأةُ صبيَّها بيدها لينامَ، أي سكَّنَتْه. ومضى هَُدْءٌ من اللَّيل: بعد نَومةِ أوَّلَ ما يَسكنُ الناس. والهَدَأة: ضربٌ من العَدْوِ السَّهل. ومما شذَّ عن هذا الباب: الهَدَأُ، وهو إقبال المَنْكِب نحوَ الصَّدر، كالجَنَأ. (هدب) الهاء والدال والباء: أصلٌ صحيح يدلُّ على طُرَّةِ شيءٍ أو أغصانٍ تُشبِه الطُرّة. منه الهُدْب: طُرَّة الثَّوب. والهَدَب: أغصان الأرْطَى، وهي الهُدَّاب. قال: فظَلَّ العَذارَى يَرتمينَ بلحمِها *** وشَحمٍ كهُدَّابِ الدِّمَقسِ المفتَّلِ
ويقال: الهَدَب من ورق الشَّجَر: ما لم يكن له عَيْر. وهَيْدَبُ السَّحابِ: ما تهدَّبَ منه إذا أراد الوَدْقَ، كأنّه خيوطٌ. ورجلٌ أهْدب: كثيرُ أشفار العَين. وهَدَبَ الثَّمرةَ، إذا اجتَناها، يَهْدِبُها هَدْباً، كأنَّه أخَذَ هُدْبَ الشَّجرة. وتستعار هذه الكلمة فيقال: هَدَب النَّاقة، إذا حلبَها. (هدج) الهاء والدال والجيم: أصلٌ صحيح يدلُّ على ضربٍ من المَشْيِ والحركة. منه الهَدَجان: مِشْيةُ الشَّيخ، يقال هَدَجَ. وأهْدَجَ الظَّليمُ: مَشَى في ارتعاش، وهو هَدَّاجٌ وهَدَجْدَجٌ. وتهدَّجت النّاقةُ: مشَتْ نحوَ ولدِها عاطفة عليه. وهَدَجَتْ الرِّيح: هبَّت بحَنين. والهَوْدَج عندنا من هذا القياس، لأنَّه يضطرب على ظَهر البَعير، ثم يشبَّه به فيقال: هَوْدَجَتْ النّاقةُ، إذا ارتفَعَ سَنامُها كأنَّه الهَوْدَج. ومما شذَّ عن هذا الأصل التهدُّج: تقطُّع الصَّوت.
|